مظاهر التكريم الإلهي للإنسان من خلال القرآن

 

أُجمل أهم مظاهر التكريم الإلهي للإنسان فيما يلي:

1- خلقه في أحسن تقويم وأعدل خَلق: قال الله تعالى: ((لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)) [التين:4].

إن الله تبارك وتعالى خلق الإنسان في أحسن صورة وشكل، منتصب القامة سوي الأعضاء حسنها.

2- نفخ فيه من روحه: قال الله تبارك وتعالى: ((ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ)) [السجدة:9]، وقال عز من قائل: ((فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَـٰجِدِينَ)) [ص:72].

قال الشيخ الواحدي –رحمه الله-: "وأضاف روح آدم إليه إكراماً وتشريفاً"([1]).

3- أمر الملائكة بالسجود لآدم: قال الله تقدست كلماته: ((وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَـٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ)) [البقرة:34].

قال الإمام ابن كثير –رحمه الله-: "وهذه كرامة عظيمة من الله تعالى لآدم، امتن بها على ذريته، حيث أخبر أنه تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم"([2]).

4- تعليم آدم الأسماء كلها: قال الله عز وجل: ((وَعَلَّمَ ءادَمَ ٱلأسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلَـٰئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِى بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ * قَالُواْ سُبْحَـٰنَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ)). [البقرة:31، 32].

قال ابن كثير:"هذا مقام ذكر الله تعالى فيه شرف آدم على الملائكة بما اختصه من علم أسماء كل شيء دونهم"([3]).

5- جعل الإنسان خليفة في الأرض: قال جل ثناؤه: ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ إِنّي جَاعِلٌ فِي ٱلأرْضِ خَلِيفَةً)) [البقرة:30]. جعل الله الإنسان خليفته في أرضه؛ لإقامة أحكامه وتنفيذ وصاياه. قال العلامة الطاهر ابن عاشور-رحمه الله-: "وقول الله هذا موجه إلى الملائكة على وجه الإخبار؛ ليسوقهم إلى معرفة فضل الجنس الإنساني على وجه يزيل ما علم الله أنه في نفوسهم من سوء الظن بهذا الجنس"([4]).

6- تفضيل الإنسان على كثير من المخلوقات: قال الحق تبارك وتعالى: ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً))[الإسراء:70].

قال الإمام الشوكاني-رحمه الله-: "أجمل سبحانه هذا الكثير ولم يبين أنواعه، فأفاد ذلك أن بني آدم فضلهم سبحانه على كثير من مخلوقاته... والتأكيد بقوله {تَفْضِيلاً} يدل على عظم هذا التفضيل وأنه بمكان مكين، فعلى بني آدم أن يتلقوه بالشكر ويحذروا من كفرانه"([5]).

إن الإنسان بهذا التكريم الإلهي جعله الله خليفة في الأرض، وأسجد له ملائكته، وجعله سيدًا في هذا الكون، وسخر له ما في السموات وما في الأرض. فالإنسان بذلك له مكانته  الخاصة ومكانه المفضل بين الخلق جميعًا، وقد جعل الله هذا التكريم لكل الناس، لا فرق في ذلك لعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود، ولا لحاكم على محكوم، الكل سواسية أم القانون الإلهي.

7- تسخير المخلوقات للإنسان: قال جل جلاله: ((وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)) [الجاثية:13].

قال ابن سعدي-رحمه الله-: "وهذا شامل لأجرام السماوات والأرض ولما أودع الله فيهما من الشمس والقمر والكواكب والثوابت والسيارات وأنواع الحيوانات وأصناف الأشجار والثمرات وأجناس المعادن، وغير ذلك مما هو معد لمصالح بني آدم ومصالح ما هو من ضروراته"([6]).

 

الهوامش:

([1]) الوسيط في تفسير القرآن المجيد، 3/45.

([2]) تفسير القرآن العظيم، 1/80.

([3]) تفسير القرآن العظيم، 1/78.

([4]) تفسير التحرير والتنوير، 1/400.

([5]) فتح القدير، 3/244-245.

([6]) تيسير الكريم الرحمن، ص 776.

 

د.رشيد كهوس

 



المنشورات ذات الصلة