تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها
1- دلالة كلمة الأرض
محمد بن عبد الرحمن
الآية الكريمة ذكرت أن الأرض يرثها العباد الصالحون، فأي أرض هذه ؟ من خلال استقراء النصوص بمنهجية سليمة يتضح أن الارض هي القدس ، لذلك فالحديث هنا يتعلق بالقدس و ليس ببقاع أخرى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ محمد بن عبد الرحمن شكرا على هذه اللفتة الطيبة.
قوله تعالى:
( (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) ).
فسر عدة تفسيرات منها:
{ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزبور } هو كتابُ داودَ عليه السلام ، وقيل : هو اسمٌ لجنس ما أُنزل على الأنبياء عليهم السلام { مِن بَعْدِ الذكر } أي التوراةِ وقيل : اللوحِ المحفوظ أي وبالله لقد كتبنا في كتاب داودَ بعد ما كتبنا في التوراة أو كتبنا في جميع الكتب المنزلة بعد ما كتبنا وأثبتنا في اللوح المحفوظ { أَنَّ الأرض يَرِثُهَا عِبَادِىَ الصالحون } أي عامةُ المؤمنين بعد إجلاءِ الكفار ، وهذا وعدٌ منه تعالى بإظهار الدينِ وإعزازِ أهلِه ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أن المرادَ أرضُ الجنة كما ينبىء عنه قوله تعالى : { وَقَالُواْ الحمد للَّهِ الذى صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأرض نَتَبَوَّأُ مِنَ الجنة حَيْثُ نَشَاء } وقيل : الأرضُ المقدسة يرثها أمةُ محمد صلى الله عليه وسلم .[انظر: إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم محمد أبو السعود العمادي].
وبغض النظر عن مختلف التفسيرات فإن القرآن يفسر بعضه بعضا وإن لله تعالى في الكون سننا وقوانين ثابتة ومطردة، وإن من سنن الله المقررة في كتابه أن العاقبة للمتقين وأن الأرض لعباد الله الصالحين، فالبقاء للأصلح، وما ينفع الناس يمكث في الأرض، أما الزبد فيذهب جفاء أدراج الرياح كأنه لم يكن شيئا..
فالآية الكريمة إذن تقرر سنة إلهية ثابتة جاءت في آيات أخرى منها قوله سبحانه وتعالى: ( (عَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (النور: 55 ) ) )تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (القصص: 83 ).
إذن فما على أصحاب الإيمان إلا أن يحققوا مدلول إيمانهم ، وهو العمل الصالح ، والنهوض بتبعات ومستلزمات وشرائط الاستخلاف في الأرض ليتحقق وعد الله ، وتجري سنته الأزلية الخالدة: {إن الأرض يرثها عبادي الصالحون} . . فالمؤمنون العاملون هم العباد الصالحون وهم الذين سرثون الأرض كل لالأرض الأرض المباركة في الشام وكل الأرض شريطة أن تتوفر فيهم العبودية والصلاح..
وأحاديث المصطفى الأمين صلى الله عليه وسلم تؤكد هذا وأن المستقبل للدين وأن الإسلام سيدخل كل بيت في مشارق الأرض ومغاربها.